(1)
تجري وهي تلهث ككلبٍ ضال في ظلمة حالكة حتي تستقر علي البحر؛ تظل صامتة حتي يضفي عليها الشروق؛ ثم تشرع في الهدؤ شيئًا فشيئًا، لكن لم يزل العبوس من الوجه.
نهضت ووقفت علي سور (الكورنيش)، فردت ذراعيها و نظرت للسماء، و كأنها تلقي التعاويذ أو كأنها طائر شريد، و بدأت في استنشاق الهواء مثلما تخاف أن ينفذ.
أخذت خطواتها المتخاذلة تقترب من رمل الشاطئ و كأنها تخشي البحر... و قد أوقف قلبها الذعرحين سمعت ذلك الصوت الذي يشبه صوت المحارب في ميدان القتال؛ التفتت فإذا بمن يقول:"الشاطئ دا بفلوس يا عروسة". أخرجت كل ما تمتلكه و أعطته إياه؛ ثم تركت قدميها لرمال البحر الذي لم تنتهِ الشمس من تدفئته بالكامل بعد...سارت و لم تتوقف و أيضًا لم تتفاجأ بأنها ارتمت في أحضانه-البحر- ليقذف بها كما يشاء؛ ورفعت رأسها مستنشقة الهواء مرة أخري في شوقٍ أكثر و كأنه جرعة هيروين ينكب عليها مدمن بعد زمن من الرغبة.
صامتة هي -كما كانت دومًا- خرجت من الماء عندما اشتدت الشمس-فكم تمقت أشعتها-.
ابتسمت ابتسامة تبعها دمع ينهمر كأنها لا يدري أتبكي أم تصمت.
عبرت الطريق المزدحم بسيارات تعمد علي قتلها-كما تظن- ، سقطت-وهي لم تسقط قط- فلربما فقدت الوعي و الأرجح أنها أبدا ما كانت واعية.
أغمضت عينيها ثم فتحتهما و ما زال لا أحد بجوارها و لا شئ يتغير.
ثم نطقت هامسة كمطر الربيع في ليلة عشق: وغــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــد!!